top of page

ما الذي يقف بينك وبين تواصل مبهر؟


"نعم، جميعنا نفعل هذه الأمور والتي بإمكانها أن تمتص الحیاة من محادثاتنا." (جولیان تریجر, مستشار صوت) اقرأ هذا المقال وطور مهاراتك التواصلية

على مر السنين، اكتشفت عدة دوافع عاطفية تقلل من جودة تواصلك وهي ما أسميها بـ(العلقات الأربع)، ويتصف معظم الناس -وأنا أحدهم- بأغلب هذه العلقات أو جميعها بطریقة أو بأخرى، لا أقول أنها سیئة أو خاطئة، ولكن تكمن الحيلة في أن ندرك هذه "العلقات" وألا نسمح لها بتولي دفة القیادة.

العلقة#1: المظهر الجید

جمیعنا نحب الظهور بصورة جيدة، ولكن غریزتنا هذه قد تصبح عقبة في طریق حدیثنا واستماعنا. هذه النزعة عادة ما تتجسد في كلمتين : " أنا أعرف"، ولكن إذا كنت تعرف كل شيء ما الذي یمكنك تعلمه؟ لا شيء أبداً! هناك مثل بوذي یقول "المعرفة هي أن تتعلم شیئا جدیدا كل يوم، أما الحكمة فهي أن تتنازل عن شيء كل یوم".

من المحبط أن تكون برفقة شخص يصعب إبهاره...

حكت لي خبيرة التواصل تريشا باومان قصة توضح مدى سوء ذلك بدقة. عندما انتقلت تریشا لباریس اعتقدَت في بادئ الأمر أنها ستبدو كحمقاء لإبدائها مدى حماستها تجاه المناظر هناك، فكانت في كل مرة تعبرلأصدقائها الجدد عن مدى انبهارها و إعجابها بمَعْلَم ما كانوا يقابلونها باستهجان وبرود، وبعد فترة وجيزة أدركَت أن العیب لم یكن فيها، بل أن ذلك المحيط من الناس، أو حتى الموجودين بباریس، يرون أنه من المعیب والشائن أن تبدو مبهورا بأي شيء، وهذا مقبول بالنسبة لي ولكنه قاتل للمتعة، فالمتعة سلعة نادرة جدا في هذا العالم لذا من المحزن أن نقتلها هكذا.

كما أن أحد أكثر الأفعال التي تقتل تواصلك دون أن تشعر هي ما أسميه ب"تنميق الخطاب"، فبینما تستمر بإلقاء خطابك المنمق علي، والذي لا صلة له بموضوع حدیثنا، سیكون جُلّ تركیزي على "كیف سأجهز خطابي البراق التالي؟"، عادةً ما تولّد هذه الممارسة التواصلیة ردوداً لا صلة لها بموضوع الحدیث فتنحى به منحى مختلفاً تماماً، وقد تجد أشخاص من ذوي السلطة یتصفون بهذه الصفة، على الرغم من كونه أسلوب قیادة غير ناجح.

وماهو أدهى من تنمیق الخطاب، "التنافسية" في الحديث، والدافع وراء هذا السلوك الذي هو شكل من أشكال قتل المتعة هو الرغبة في النيل على إعجاب الآخرين، فمثلاً قد يقول أحدهم بحماسة : "نحن متشوقون جدا لقضاء العطلة في الیونان هذا العام،" قد يقفز المتحدث التنافسي ليقول : "أوه نعم، ذهبتْ للیونان ستة مرات وأحببتها." عندها سيشعر المتحدث الأول بإحباط، وستبدو حماسته سخيفة وتافهة.

العلقة#2: "أنا محق دائما"

إذا كان هناك شيء نحبه أكثر من ظهورنا بمظهر جید فهو أن نكون على حق دائماً، عندما أكون على حق وأنت على خطأ سأشعر حینها أنني أفضل منك، قد تكون الرغبة في أن نكون محقین مدمرة للعلاقات، كما قال الأخصائي النفسي والتعلیمي هارفل هیندركس:" هل ترید أن تكون على حق أم ترید أن تكون في علاقة؟ لأنه لا یمكنك أن تحظى بالاثنین دائما، فلا یمكنك أن تحتفظ بشريكك وبكونك محقاً في الوقت ذاته".

قد يكون الدافع وراء رغبتك بأن تكون محقا هو خوفك من تقلیل الآخرین احترامهم لك، أو من الممكن أن يكون خوفا من أن نظهر على حقیقتنا كبشر مليئين بالعیوب وغير مثاليين، تملؤنا التناقضات والتخبطات، نتعطش للحصول على الاحترام والتقدیر، وكوننا محقین أو جعل الآخرین مخطئین هو الطريق الأمثل الذي نسلكه لتحقیق تلك الرغبات لأنها تضعنا فوق الآخرین دائما.

تنبع المقاطعة من الرغبة في أن نكون على حق، قد یكون هذا نابعًا عن محاولتنا لـ"تنمیق خطاباتنا"، لكنه غالبًا ما ینشأ بصورة عفوية وتلقائية، ببساطة من رغبتنا في الاختلاف أو مطالبتنا بإجابة أو توضیح نقطة معینة دون أن ننتظر انتهاء الشخص الآخر من حديثه، أصبحت المقاطعة أكثر شیوعًا في عالمنا الذي نفد صبره، حتى في أمور الحیاة والموت، فقد وجدت دراسة استقصائیة أجریت على أطباء في الولایات المتحدة وكندا أن المرضى تتم مقاطعتهم بمعدل 18 ثانیة أثناء قولهم بیاناتهم الافتتاحیة، كما يسمح لأقل من الربع بإكمال ما أرادوا قوله.

المقاطعة لها نتیجتان مؤسفتان، لا نسمع بسببها ما یقوله الشخص الآخر، والذي قد یكون مفیدًا أو مثرياً أو غیر ما نتوقعه، والذي على الأرجح یضر ببقیة المحادثة وذلك بتعكیر صفو مائها -فالمقاطعة ممارسة للهیمنة-، كما أنها تفسد السیاق العاطفي فتجعل الشخص المنقطع حدیثه یشعر بالاستخفاف والإهانة مما یؤدي إلى الغضب والاستیاء وعدم الرغبة في الإكمال، المقاطعة لیست خاطئة دائمًا، ولكن يجب ألا تصبح عادة.

العلقة# 3: إرضاء الناس

إذا كان شخص ما لديه دافع بإرضاء الناس -أو ينظر إليه على أنه كذلك- ، فإن هذا سیسرق قوة تأثير خطابه، فتغيب عنده الثقة والمصداقية والتي تعد أسس جوهرية للتواصل القوي، فقد يوافق هؤلاء الأشخاص بغیة إسعاد غیرهم بينما هم لا يريدون ذلك، أو قد یوافقون على الخروج بینما یفضلون البقاء في المنزل، وقد یتفقون مع الآراء التي یختلفون معها تماما فقط من أجل أن یكونوا محبوبین، جميعنا لدینا الرغبة في أن نكون محبوبین، ولكن الأمر یتعلق بمدى سيطرة هذه الرغبة علينا.

فإذا وجدت نفسك تفرط في إرضاء الناس، خذ بعض الوقت لتفكر في مبادئك، اسأل نفسك: ما الذي أمثله؟ ما الشيء المهم بالنسبة لي في هذه الحیاة؟ ما هو الأمر غير القابل للتفاوض؟ اكتب كل ما يخطر ببالك، فعندما تكون قیمك الأساسیة واضحة، یصبح من السهل التمسك بها وعدم الانجراف وراء آراء الآخرین أو اعتقاداتهم.

العلقة #4: الإصلاح

یكمن معنى الإصلاح في محاولة جعل كل شيء على مایرام، "لا تبك" أو "لا تنزعج" هي استجابة "المصلح" الأولية عند رؤیة الألم، لماذا تعد هذه علقة؟ لأنه في بعض الأحیان یحتاج الناس إلى التعبير عن انزعاجهم أو حزنهم أو بؤسهم أو غضبهم أو غیرها من المشاعر السلبیة القویة.

یعتقد المصلحون أنه من غیر المقبول أن ینزعج الآخرين، قد یكون هذا ناتجًا عن الرغبة الملحة لإرضاء الناس، أو قد یُنظر إلى المشاعر السلبیة القویة على أنها أمر یجب الخوف منه، إما لأن لدیهم الكثیر منها في نطاق عائلاتهم أو بسبب الافتقار التام للخبرة في تلك المشاعر، أو قد يكون ذلك بسبب التنشئة الأسرية حیث يعد التعبیر العاطفي فیها غير مقبول.

حكت لي عمتي قصة وضحت فیها كیف أن الإصلاح قد يسبب الضرر حتى وإن كان نابعا من حسن نية،

أخبرها والدها عندما كانت طفلة صغيرة أنها سترزق بأخ أو أخت قریبا فتحمست للغایة، ​حتى أنهم قاموا بتزيين الغرفة الاحتیاطیة للمولود المنتظر، وأخيراً جاء الیوم الموعود وانطلق والداها إلى المشفى وانتظرت هي في المنزل مع جارتها، ولكن عندما عادا كانا وحیدین، لا شيء قیل آنذاك على الإطلاق، وبعد فترة رزقت بشقیقین صغیرین، وبعد ذلك بزمن طويل علمت أن شقیقها الأول قد ولد میتًا، لكنها لم تنس أبدًا الارتباك والوحدة التي غمرتها في ذلك الیوم، مما لا شك فیه أن جدّاي قرّرا عدم مناقشة الأمر معها حتى لا تنزعج، ومع ذلك كانت لتلك الحادثة تأثير قاس أدى إلى كسر رابطة ثقتها فيهما وفي الآخرين مستقبلاً.

الإصلاح، سواء عن طریق حجب الحقیقة (مثل قصة عمتي) أو عن طریق تشتیت الانتباه أو التعتیم على الحقیقة بمودة غامرة، یحرم الناس من المشاعر التي یحتاجون إلى الشعور بها، لیس ذلك فحسب، بل إن العدید من المصلحین عادةً ما یحرمون أنفسهم من الشعور بمشاعر قویة. فعندما یكون التواصل مدفوعًا بالحاجة إلى الإصلاح، يعني عادة وجود أجندة خفیة في العملیة التواصلية تتعلق باحتیاجات المصلح، على الرغم من أنها قد تكون متخفیة بغطاء الحب.

قد يكون تأثير بعض هذه العلقات طفيف أو حتى غیر موجود بالنسبة لك ومع ذلك أنا مستعد لمراهنتك على أنه یمكنك تحدید واحدة على الأقل أثرت - أو تؤثر - على فرصك العامة في الحیاة، وستضعف سيطرتها عليك عندما تتنبه لها وتصبح أكثر وعيا بوجودها في خطابك. فببساطة، تسلیط الضوء على هذه العلقات سيؤدي إلى ذبولها وانكماشها.

المصدر : https://ideas.ted.com/which-of-these-habits-are-keeping-you-from-being-a-great-communicator

ترجمة : شعاع القرني

تدقيق1 : رغد الشايع

تدقيق2 : أمل السماري


Featured Posts
Check back soon
Once posts are published, you’ll see them here.
Recent Posts
Archive
Search By Tags
No tags yet.
bottom of page