ما بين الخوف واليأس والطموح والإصرار: تكمن هنا بدايتي
ما بين الخوف واليأس والطموح والإصرار: تكمن هنا بدايتي
في إحدى ليالي الشتاء القارصة، والظلمة تعم المكان، ولا شيء يُسمع سوى شهقات متتالية، تُعلن اليأس ورفع راية الاستسلام. سرد لبعض الصعوبات التي مرت بها طالبة في كلية اللغات والترجمة في بداياتها وكيف تغلبت عليها.
في منتصف عام 2016 عادت تلك الفتاة من أول اختبار لها في حياتها الجامعية وكلها خيبة أمل، والجزع والهلع قد سيطرا عليها ولا خيار أمامها سوى التخلي والاستسلام.
لماذا دخلتُ هذا التخصص؟ فأنا لستُ كفؤًا، اللغة الانجليزية صعبة جدًا! سأغير تخصصي!....
والعديد و العديد من الأفكار السلبية التي سيطرت على عقلها قبل قلبها فوصلت بها الى جُرف هار كادت أن تهوي منه. ولكن كان هناك خيط قد لاح لها في الأفق، آمنت به وتشبثت به بكل جوارحها، ويومًا بعد يوم متن الخيط وسَمُكْ. طردت كل تلك الأفكار من مخيلتها فلا شيء يمكن تحقيقه بسهولة فلكل نجاح ضريبة يجب دفعها. بدأت بدفع نفسها شيئًا فشيئًا وقامت بالتركيز على نقاط ضعفها قبل تلك النقاط التي تؤمن بقوتها، حسنًا هي ضعيفة في مقرر الاستماع إذًا لتستمع أكثر وأكثر، لتستمع وكأننها لم تكن يومًا تسمع صوتًا، لتستمع وكأن العالم سينهار إن لم تستمع لما يقولون، بدأت تلك الفتاة بتطوير تلك المهارة بعد أن صُعِقتْ بعلامة ألجمتها وآلمت قلبها وجعلت عيناها تفيضان دمعًا، ولكن تلك كانت البداية، فبعد ذلك اليوم أصبحت تُقلب عيناها بين ذلك الجهاز الذي دائمًا ما يقطن بين يديها وكأن لا موطن له سواهما، علمت وقتها أن الحل يكمن فيه وأخيرًا ستنتهي تلك المعاناة التي طالما تألمت لأجلها فهي فتاة لم ترَ عيناها سوى الدرجات العالية، ولكنها اليوم تحصل على ما هو أدنى من ذلك. أصبحت تقرأ بعض المقالات باللغة الإنجليزية ولكن فيما تهتم له وتُحب أن تعرف عنه أكثر، وليست النصوص التي تُفرض عليها في قاعة الامتحان، يومًا بعد يوم أصبحت لا تستطيع التوقف أصبحت القراءة جزءًا منها، مقال من هنا و تغريدة قصيرة من هناك، وبعض الأدبيات التي لم تكن تعيها تمامًا ولكن تشعر بلذة بين حروفها المسطرة. وفعلت الشيء ذاته بجميع مهارات اللغة الأربعة التي يجب على كل طالب لغة أن يتقنها، في هاتفها الصغير اكتسبت كنزًا كبيرًا وأصبحت تعي ما يحدث حولها بطريقةٍ أفضل .
مرت الأيام وانتهى عام 2016 برُمته وتلا العام عامٌ جديد وشارفنا الآن على الانتهاء من العام الثالث لهذه السلسلة التي كانت بطلتها فتاة بدأت بيأس وها هي اليوم تؤمن بأن ليس هناك شيء مستحيل ولا صعوبة إلا ما سيكون لها ما يُخفف حدتها وألمها. انهت جميع مقررات المهارات التي كانت حجر عثرة، ولكن بالأمل الذي كانت تحيا به لم تتعثر بل على العكس انهتها بعلامات مرضية. وكان الشيء الوحيد الذي يدفعها للمضي قُدمًا هو إيمانها، آمنت بربها أولًا ثم بذاتها ثانيًا، ذلك الحافز الداخلي هو الوحيد الذي يستطيع دفعك، أحبي ما تفعلين واجعلي نيتك العلم وتطوير نفسكِ.
لكِ أنتِ، يا من كنتِ أنا في يومٍ من الأيام يا طالبة المستويات الأولى، إياك واليأس، إياك والقنوط، إياك والاستسلام، حسنًا لا بأس أن تنازعك هذه المشاعر ولكن إياك والانقياد والانصياع ورائها. تذكري دائمًا بأنك مترجمة الغد، وتذكري أن كل اختبار تخوضينه ما هو إلا عتبة تقودك نحو الغد، نحو الأفضل، نحو حلمك الأكبر! طوري من نفسك وثقي بها لا تتردي ولا تقلقي من الخطأ فأكبر خطأ وقعت به أنني كنت أخشى الخطأ.
بقلم: عزيزة العنزي
تدقيق: د.دولت ناضرة