كيف نقرأ قراءة بناءة؟
كيف نقرأ قراءة بناءة؟
القراءة هي جزء مهم جداً لا يتجزأ من حياتنا، ولها فوائد عظيمة سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي أو المهني، كما ترفع القراءة الوعي وتفتح لنا آفاقا واسعة.
كيف يمكننا أن نطور قراءتنا فنستفيد منها؟
القراءة هي مهارة وفن، والكثير من الناس يبذلون جهدًا كبيرًا ويمضون وقتًا طويلًا في القراءة، ولكن حصيلتهم اللغوية والثقافية قليلة جداً! وذلك بسبب أن جودة القراءة وفعاليتها ضعيفة لديهم. وهذه هي القراءة الأمية، وهي قراءة الحروف فحسب دون فهم أو ربط بين أول الكلام وآخره، وبدون أي استيعاب، وهذه القراءة سمَّاها القرآن الحكيم (أُميَّةً)، وعدَّ الذين يقرؤونها (أُميُّين): {وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ}.
الأماني هي القراءة دون استيعاب، ولذلك قال: {لاَ يَعْلَمُونَ}، ولم يقل: لا يقرؤون! فالقرآن يعدُّ الوقوف عند مستوى قراءة الحروف ضرباً من الأميَّة.
وكيف تقرأ يساعد على الاستيعاب، والقراءة مهارة مثلها مثل أي مهارة تحتاج إلى صقل وتنمية وممارسة. وبقدر مهاراتك العالية وجودتها يكون استيعابك عاليًا. وهنا سنذكر بعضا من الطرق التي ستساعدك في الارتقاء بالقراءة المهارية.
أولاً: إن القراءة الفعّالة تركز على الهدف من القراءة، فاسأل نفسك: لماذا اقرأ؟ وما الهدف من القراءة وماذا سأجني منها؟ فلقد حدد العلماء بعضاً من عوامل أو أسباب القراءة العامة، ومنها: التسلية والمتعة، وفهم موضوع معين، والإجابة عن تساؤل ما. كما أن معرفة الهدف من القراءة ووضوحه في الذهن أمر أساسي وضروري لعلمية الاستيعاب والفهم.
ثانياَ: غالبا ما تعتمد درجة الاستيعاب على درجة حضورك الذهني وقت القراءة، فإذا كنت في حالة غضب أو عصيبة تجنب القراءة حتى تهدأ وتستكن.
ثالثاً: يجب أن يصاحب القراءة الجيدة التفكير والتحليل والتبصر والاستنتاج وإعمال الفكر في المقروء؛ فالهدف الأساس من القراءة هو فهم ما تقرأه، ولا يُفهم المقروء إلا بالتفكير العميق فيه، ووضع الأسئلة ومحاولة الإجابة عليها. فأقرا بتركيز لأنه لب القراءة وجوهرها الأساسي، والقراءة بدون تركيز ضياع للوقت والجهد، ومستوى نجاحك في القراءة يعتمد على درجة تركيزك، ويعرف التركيز بأنه عملية تحكم وانضباط وترويض للنفس حتى يكون لدى الشخص القدرة على الاستغراق في عملية القراءة، ومهارة يتعلمها المرء كما يتعلم أي مهارة أخرى.
رابعاً: حاول دائما أن تدون ما تقرأ، لأن من أساسيات القراءة الفعّالة تدوين التحليلات والاستنتاجات، وهذا الأمر مهم للغاية؛ لأنه يساعد على التذكر ويفيد في التفكير، فكتابتك للمذكرات يعني استخدام أكثر من حاسة، كما تحفزك للبحث أكثر في الموضوع.
خامساً: ضع الإشارات والعلامات على الكتاب، فإن هذه الطريقة ناجحة لعملية الاستيعاب وتدل على مقدار تفاعلك مع الكتاب، كما تساعدك على إيجاد نوع من النقاش البناء مع ما هو مدون في الكتاب. فيجب أن تظهر موافقتك للكتاب أو مخالفتك له بكتابة علامات التعجب والاستفهام في الكتاب، ثم بعد ذلك ناقشها مع أصدقاءك.
وقسم العالم ادلر القراءة التحليلية الى ثلاث مراحل، وهي:
المرحلة الهيكلية: وهي المرحلة الأولى من القراءة التحليلية، وتتعلق بفهم بنية الكتاب وهدفه، وتبدأ بتحديد الموضوع الأساسي ونوع الكُّتاب المختارين للقراءة.
المرحلة التفسيرية: وهي المرحلة الثانية من القراءة التحليلية، وتشتمل على بناء حجج المؤلف وتتطلب من القارئ أن يلاحظ ويفهم أي عبارات أو مصطلحات خاصة يستخدمها الكاتب.
المرحلة الانتقادية: وهي المرحلة الثالثة من القراءة التحليلية، وفيها يوجه ادلر القراء إلى نقد الكتب. ويؤكد أنه بعد أن يفهم القارئ مقترحات وحجج المؤلف فإنه يرتفع مستوى فهمه إلى مستوى فهم المؤلف، لذلك يصبح القارئ قادرًا على الحكم على جودة الكتاب وملزمًا بذلك، كما يدعو ادلر إلى الحكم على الكتاب على أساس سلامة حججه.
وهناك حكمة تقول: “إن كنت تصدق كل ما تقرأ، فلا تقرأ”، ولأن ليس كل ما يكتب يُصَدق، تأكد من صحة المعلومات التي بين يديك ومصدرها الرئيسي، فهناك كتب تقتطف من الحقائق أنصافها، ومنها ما يصدح بالخرافات والأكاذيب، وكل ما عليك فعله هو أن تُعمِل عقلك وتبدأ بالبحث، وهذا الأمر بات سهلًا اليوم في ظل وجود الانترنت.
كاتبة المقال: العنود العوشن
تدقيق الأول: روان عبدالله الدعيع
التدقيق الثاني: د.دولت ناضرة