البصمة اللغوية .. دليل إتهام!
ماذا لو كانت لغتك وطريقة أسلوبك في الكلام دليلًا حاسمًا ضدك, أن يكون صوتك وكلامك بصمة ثابتة لا تستطيع محوها؟
في المسلسلات والأفلام البوليسية غالبًا ما تستعين الشرطة باللغوي الجنائي في الجرائم الجنائية؛ ما هو دور (ذلك) الشخص ؟ و ما هو علم اللغة الجنائي وكيف يمكن له أن يساعد في حل قضية من خلال اللغة ؟
" Language can solve crimes, language can prevent crimes"
D. Robert Leonard
"يعرف (أشر) (ِAsher,1994) علم اللغة الجنائي بأنه فرع من فروع علم اللغة التطبيقي, يقوم على دراسة وتحليل البيانات اللغوية المصاحبة لوقوع الجريمة؛ بهدف تحديد هوية الجاني أو المتهم"
في علم اللغة الجنائي هناك أقسام كثيرة تندرج تحت قسمين رئيسين، هما:
اللغة المكتوبة:
يدخل فيها كل نص مكتوب؛ سواء أكان رسائل خطية أم إلكترونية، تتضمن رسائل التهديد
أو الانتحار أو الابتزاز, وكذلك ما دُوِّن أثناء التحقيقات مع المتهمين أو الشهود في مركز الشرطة.
اللغة المنطوقة:
يكون التركيز هنا ليس على ما قيل, بل كيف قيل؟. وتهتم بدراسة اللغة التي استخدمها المذنب أو الضحية في مسرح الجريمة أو أثناء التحقيقات( اللهجة واللكنة والنطق وطبقة الصوت والنبرة وإيقاع الكلام)
البصمة اللغوية:
عندما ترد في ذهنك كلمة (بصمة) فعلى الأرجح أنها ستكون بصمة الأصابع ليس إلا!
تقول دراسات إن هناك مجال جديد يسمى (البصمة اللغوية) وهي باختصار تثبت أنه على الرغم من تشابه أسلوب الكلام إلا أن لكل شخص معجم لغوي ومفردات يستخدمها بطريقة مميزة ، وهي تُعدّ بصمة لغوية خاصة فيه مثل بصمة الأصبع .
ستجد أنك غالباً ما نقوم بتحديد هوية الشخص من بصمته اللغوية؛ حيث سَيَرِد إلى ذهنك موقف ما عندما شككت هل كان صديقك هو من يراسلك أو أنه شخص آخر من خلال أسلوبه في الكتابة. وعلى الرغم من أن هذا المجال يُعدّ جديدًا وغير مكتمل إلا أنه أفاد الشرطة في تحليل التسجيل الصوتي للمتهم.
يمكننا الحديث هنا عن أهمية وجود اللغوي الجنائي في القضايا الجنائية،
فالكلمات هي كل شيء بالنسبة للغوي الجنائي حيث يقوم عمله على الغوص في اللغة والكلمات و استخداماتها. يُساعد اللغويُّ الشرطةَ في تحليل اللغة سواءً كانت كتابية أم لفظية ، ومثال على ذلك قضية (جيني نيكولوس)
-في عام 2005م اختفت فتاة اسمها (جيني نيكولوس) من منطقة رتشموند بنيويوركشير في انجلترا لم تكن هناك جثة ، ولا حتى مسرح جريمة ، ولكن بعد ثلاث سنوات قُبض على رجل اسمه (دايفيد هودجسون) بتهمة قتلها ! فكيف حدث ذلك؟
كان ذلك بمساعدة اللغوي الجنائي! فقد كان المجرم يرسل رسائل نصية بهاتف جيني بعد اختفائها ليُظن أنها مازالت حية! تصرف ذكي منه، ولكن بعد أن قام اللغوي الجنائي بتحليل الرسائل وجد أن أسلوب رسائله يختلف عن أسلوب جيني ؛ إذ كانت جيني دائما ما تكتب "my"و "myself"، ولكن بعد اختفائها تغير استخدام الضمير إلى "me"و"meself" !وهذه الكتابة شائعة في لهجة يوركشير. وهكذا تمكّن اللغوي الجنائي من كشف جريمة ديفيد.
في غرفة التحقيق:
لأن القانون يعلم ماذا يمكن للغة أن تفعل للشخص؛ فقد أعطى للمتهم أثناء التحقيق حقّ الصمت؛ لأن أي كلمة يقولها يمكن أن تستخدم ضده في المحكمة أو يكون دليلاً حاسماً عليه.
ولذا فإن اللغوي الجنائي غالباً ما يُرشد المحقق لصياغة أسئلته بالأسلوب المناسب؛ فهناك أسئلة تقبل الأجوبة المحددة مثل: نعم أو لا وتُعدّ هذه الأسئلة مضللة ، ولا تناسب في التحقيق إذ إنها تجعل المتهم يجيب بطريقة قد تجعله يثبت الجرم دون إرادة منه.
وختاماً, إذا كنت مهتماً بهذا الموضوع وتريد معلومات أكثر ننصحك بمشاهدة مسلسل الغموض والتحقيق الممتع MANNHUNT:UNABOMBER وهو مبني على أحداث قصة حقيقية لطريقة التحقيق باستخدام علم اللغة الجنائي.
كتابة: نجلاء آل تويم
تدقيق: عزيزة العنزي
المراجع:
https://mana.net/archives/1822
http://www.policemc.gov.bh/reports/2011/April/2-4-2011/634373660643354648.pdf
https://lama.hypotheses.org/70
https://lama.hypotheses.org/1428