الطفولة واللسانيات النفسية
تدرس علم اللسانيات النفسية العمليات العقلية للفهم والإدراك بأدوات مأخوذة من علم اللسانيات وعلم النفس حيث ان استخدام اللغة يؤثر بشكل غير مباشر النطق وتعليم القراءة والكتابة. فاكتساب الطفل للغة يعد دراسات لسانية نفسية في الأساس. يعد اكتساب اللغة الأم التي ينطق بها الطفل في المراحل المبكرة من أساسيات علم اللسانيات النفسية. فأشارت تجارب بورهوس فردريك سكنِر إلي ان اللغة عادة مكتسبة مثلها مثل عادات الإنسان كالمشي، الاكل، وغيرهم من عادات الإنسان الأساسية للحياة، حيث ان سكنِر وصف الطفل بانه يولد وذهنه صفحة بيضاء خالية من اللغة، ويكتسب الطفل اللغة نتيجة التدريب المتواصل الذي يخضع لنظام وتحكم، وهكذا اعدّ سكنِر السلوك اللغوي بانه مكتسب مثل السلوك البشري. بينما تشير نظرية Critical Period Hypothesis بأن الانسان يكتسب اللغة في فترة طفولته فإن لم يكتسبها في تلك المرحلة فسيكون اكتسابها صعباً له. على سبيل المثال قضية الطفلة جيني والتي تعد اثباتاً لصحة نظرية Critical Period Hypothesis والتي تم تسجيل قضيتها في سجلات اللسانيات النفسية.
جيني الطفلة الأمريكية التي تعرضت لسوء المعاملة والإهمال والعزلة عن المجتمع والتواصل مع الأشخاص حتى أصبحت تتصرف كالحيوانات. عندما كان عمر جيني عشرون شهراً بدأ والدها بالإغلاق عليها في غرفة منعزلة ويمنع أي شخص من التفاعل معها، ونتيجة ذلك لم تستطع جيني اكتساب اللغة اثناء طفولتها. وبعد وصول جيني لعمر الثالثة عشر التفت علماء النفس واللغويون وغيرهم لقضيتها وابدوا الكثير من الاهتمام لجعلها تختلط بالمجتمع و تعليمها اللغة وقد حققوا تطورات كبيرة في تنميتها العقلية والنفسية، ولكن حتى مع نهاية دراسة حالتها لا تزال تصرفات جيني السلوكية شاذه عن غيرها، بالإضافة الى انها لم تستطع اكتساب اللغة بشكل كامل.
في البداية ذهبت جيني لمستشفى أطفال في لوس انجلوس حيث تلقت العناية لعدة اشهر. وبعد بلوغها سن الثامنة عشر عادت للعيش مع أمها والتي قررت انها لا تستطيع العناية بها. ثم تم نقلها الى مؤسسة للبالغين ذوي الاحتياجات الخاصة وحيث للأسف تعرضت فيه لسوء المعاملة النفسية والجسدية مما أدى الى تراجع مهاراتها اللغوية والاجتماعية ولم يعرف الكثير عن ظروفها منذ ذلك الحين.
في قضية أخرى قضية الطفل الفرنسي فيكتور والذي تم العثور عليه وعمره اثنا عشر عاماً في عام ١٨٠٠ بعد ان قضى معظم طفولته في الغابة.
وقد لاحظ مفوض الحكومة المحلية كونستانس سان إستيف ان سلوك فيكتور يبدو شاذ واشبه بتصرفات الحيوانات.. الطبيب جان إتارد تبنى فيكتور لمدة خمس سنوات ليكتشف ما يستطيع فيكتور تعلمه وما لا يستطيع تعلمه. كان إتارد مهتماً تحديداً بتعليمه اللغة. وتمكن فيكتور من تعلم عدة عبارات وعدة مهارات اجتماعية، لكنه لم يكتسب كامل المهارات الاجتماعية واللغوية .اذاً فمرحلة الطفولة مهمة للعمليات اللغوية والنفسية بشكل كبير.